الموقع الرسمي للدكتور أحمد بن صالح الزهرانى

أما قبل

.. وإنّه باسم الله الرحمن الرّحيم


من يعرفني يعرف كم كنت مشاركا بشكل شبه يومي ولسنوات طويلة بمقالات في صحف أو مواقع إلكترونية إضافة إلى مشاركات في المنتديات الحوارية، وقد تعطل موقعي السابق منذ سنوات بسبب عدم المتابعة وفيه كمٌ لا بأس به من المقالات، ولما عزمت على تأسيس هذا الموقع لأضع فيه كتبي بالدرجة الأولى، ثمّ ليكون مدوّنة لمقالات لاحقة، وقد أحببت أن أنتخب من موقعي السابق  بعض المقالات لأبدأ بها لأنّي مشغول هذه الأيام، فتواصلت مع الأخ الذي صمم الموقع السابق وطلبت منه نسخة من محتوى الموقع، وبالفعل أرسله لي، وقمت بنسخ كل المحتوى من المقالات لأنظر ما يصلح منه، وكانت صدمة لي والله، أنّ من مئات المقالات والمشاركات لم يصفُ لي منها اثنان أو ثلاثة بالكاد، كثير منه كان لمناسبات ومضت، وكثير منها رأيته بعين الازدراء، وأنِفتُ أن يُنسب لي، إمّا لركاكة أسلوب، أو لصياغة عاطفية لا تليق بلغة العلم، أو لأخطاء تصورية كانت عندي أنتجت مثل ذلك الكلام.

ولقد توقفت طويلا أمام هذا متأملاً في الأسباب، أهو بسبب تطوّر في تفكيري أو هو بسبب زيادة في معلوماتي، أو لأنّ تلك المقالات كانت جيدة في وقتها وإنّما فقدت بريقها لفوات الداعي لها؟!

أو هو عامل السّن ؟ فإنّ لكل سنة تأثيرها في مزاج الإنسان وتصوراته وأفكاره وخياراته في الحياة !

أظنّ تلك الأسباب  كلّها متظافرة في هذه الحال التي أنا فيها ..

الحقيقة أني لم أتضايق رغم دهشتي، إذ كنت أتوقع أن لا يروقني بعضها، أمّا أن يكون غالبها على غير المأمول فهذا مدهش حقا، وعلى كلّ فأنا مقتنع أنّ أيّة تجربة مهما بلغت من السوء هي في حد ذاتها مكسب وغنيمة لصاحبها ولغيره، إذ لا تخلو من عبر ودروس لم تكن لتُهدى له من غير هذه الحياة.

إنّنا للحقيقة مجتمعات تكذب على المجرّبين حين تقلل من شأن الخطأ في جنب العمل، ذلك أنّنا لا نرحم المخطئ إذا أخطأ، بل نظل نذكره بكل خطيئة وكل زلة كلّما ارتفع له صوت أو ظهر له صورة.

ولهذا لا يقتنع أبناؤنا بكلامنا التحفيزي لأنّ الواقع المجتمعي الذي أظهرته وسائل التقنية بشكل أكثر وضوحا هو واقع قاتل يتتبّع المخطئين ويحرص على أن يظلوا في دائرة الخطأ والخطيئة.

انظر كيف يفتشون لكل من يبرز في شيء أو يخصه الله بنعمة، فيأتون بشيء من التاريخ الماضي له، بغض النظر عن كونه آب عنه أو لا، ويتم تجييش الدهماء والغوغاء لتحطيمه وإقصائه .

لكن المدركين يعلمون أنّ اشتراط الكمال والسلامة من الخطأ شيء من الخيال، وأنّ على المرء أن يقوم كل ما سقط، وأن يبدأ كلّ ما انتهى، وأن يفتح لسيره طرقا وسبلا مهما أغلق في وجهه من طرق.

إنّ جزءا كبيرا من نجاح الناجحين في أيّ مجال يعود إلى تراكم الخبرات، وهذه الخبرات ماهي إلاّ خليط تجارب ناجحة وأخرى فاشلة، وخليط من صواب وخطأ، فليست الأخطاء -ولو كانت آثاماً- بأقلّ إسهاما في النجاح والحكمة من الصواب، بل كثيرا ما يكون للخطأ أثر في دافعية المرء للوصول أكثر من الصواب، سواء كان الخطأ في حق النفس أو حق الغير .. مادامت آلة التصحيح والتصويب تعمل وتقوّم وتُصلح.

أقول هذا تقدمة بين يدي هذا الموقع الّذي أحسن إلي به الأخ المبرمج فجزاه الله خيرا.. كخزانة لعرض كتبي بما فيها من صواب وخطأ، ولتدوين مقالاتي اللاحقة كل ما سمح الوقت والسعة والعافية الّتي يمنّ الله بها ، نسأل الله إيّاها.

 

Powered by Froala Editor